في هذا
المقال لن أتحدث عن المسلسلات التركية البائسة ولا غيرها , فجيراني في هذه
الصحيفة وبقية الصحف الأخرى كفوا ووفوا في الحديث عنها هم وكل من كان بيده
أي وسيلة يستطيع من خلالها النصح والإرشاد , ولكن بعد أن منّ الله علينا
وانتهت هذه المسلسلات مازالت سيَرهم باقية ولم تزُل بعد زوالهم , فصورهم
بدأت تنتقل من الشاشات إلى الأكواب والحقائب والبراويز والدفاتر المدرسية
وحتى بعض الملابس ولو أن المسألة انتهت إلى هنا لحاولنا أن نبلعها وأجزم
بأننا لن نستطيع وسوف (نغص) بها , لكنها للأسف لم تنته , فجاءتنا موضة
جديدة وهي ظهورهم مرة أخرى ولكن هذه المرة خارج المسلسل . فالأستاذ مهند
أفندي ظهر مع مطربة عربية في إحدى أغانيها التي استطاعت من خلاله أن تحصل
على المرتبة الأولى في سباق الأغاني العربية الذي نظمته إحدى القنوات
الفضائية , فازداد شغف أتباع مهند به من الجنسين وأصبح أداة لجرهم إلى كل
ما يرغب هو أو من جلبه . أما الست لميس فقد ظهرت معه أيضا في إعلان دعائي
لأحد العطور الذي يحمل اسمهما مما أعطاه دافعا قويا للترويج , والسؤال
الذي يتبادر هنا هو: هل كلما ازداد شغف الناس بشيء ما استطاع أن يكون أداة
قوية لترويج منتج معين ؟ وإن كان الجواب نعم , فهل هذه الأداة تمثل
المجتمع وهي قدوة صالحة له أم لا ؟ وهل إتباع مثل هذه الوسائل ظاهرة صحية
للمجتمع أم لا ؟ المسألة يبدو أنها ترتكز تحت مبدأ واحد دون ضوابط , وهو
أن تجعل ما يحبه الناس طريقا يقودهم لأي هدف تريد تحقيقه . فقبل عدة سنوات
ظهر أحد العطور الذي حمل اسما لأغنية ترددت على ألسن الكبار والصغار
وتوالى بعده كثير من العطور تحمل أسماء للأغاني , فإن اشتريت عدة عطور
كأنك اشتريت شريطا لأحد الفنانين , ثم أتت عطورات أخرى تحمل أسماء بعض
القصائد أو ألقابا للشعراء وغيرهم , (والناس مع الخيل يا شقرا) و(كله
ماشي) فهل هذا يليق بمجتمع ناضج يفكر في رقيّه وتقدمه أم أنه جني للأرباح
حسب قيم ومبادئ ترسخت في أفراده؟ أين المسؤولية؟ وأين الرقابة عن كل ما
يحدث ؟ ألا توجد هناك طرق تسويقية تزيد الترويج دون أن تتعارض مع دين
وأعراف المجتمعات أو استخدام القدوة السيئة ؟ ليتنا نشاهد منتجا يروج له
أحد الدعاة أو المبدعين أو المتفوقين دراسيا أو كل من يفيدون المجتمع
وأفراده , والله يستر من القادم إن كانت هذه هي البداية . فصدقوني لقد طفح
الكيل عندي وأصبحت لا أستسيغ أن أسمع أي شيء عن مهند أو نور أو لميس ,
يخرب بيت مهند ويقطع نور ولميس , وهل هـا (الشلَة) فكروا في أنهم ستزداد
أرصدتهم و (يبنّكون) على حسابنا , وسيظهرون في الدعايات والأغاني التي
تعرضها قنواتنا ؟ وأخشى أن يأتي يوم نشاهد فيه أو نسمع عن (فول) مهند أو
(بليلة) نور أو (تميس) لميس .. الله يستر , ويرحم الحال.